[table1="width:100%;background-image:url('http://store2.up-00.com/June12/5Sa31212.jpg');"][cell="filter:;"][align=center]
(5)
السحاب الأحمر
104 page
السحاب الأحمر" كتاب يجمع بين جمال الكلمة ورنين العبارة، بلغة الماضي الصافية كالحق المنزهة عن الريب كالواقع، يعبر كاتبه عن مشاعره وأحاسيسه، على صفحات كتابه مرآة نفسه، بقلم يئن في يديه وكلامٍ يَحنّ لديه.
الكتاب –وهو في تسعة فصول- بمضمونه العام مجموعة مقالات في المرأة وحبها وبغضها ولؤمها ولكن بعض هذه المقالات اتخذ صفة الحكاية القصصية..
وبعضها تأملات وخواطر في الحب والمرأة..
عدّه بعضهم تكملة لكتاب رسائل الأحزان بينما رأى فيه بعضهم كتابا مختلفا لا يكمل الأول ..
لكني أرى فيه تتمة للحديث عن الحب والمرأة كما في الرسائل .. حتى أن الرافعي رحمه الله يقول في مقدمة الطبعة الأولى لكتابه السحاب الأحمر:
لما كتبت رسائل الأحزان في فلسفة الجمال والحب كنت في تدبيره والرأي فيه كمن يؤرخ عهدا من شبابه بعد أن رقّت سنّه وذهب يقينه من الدنيا ولم يبق إلا ظنه ..
فهو يكتب والكلام يحن لديه والقلم يئن في يديه.. وكل وصف جاء به من الشباب قال رحمة الله عليه!
......(تم الاختصار لطول المقدمة).....
كنت أستوحي الرسائل من تلك النفس التي طارت بي طيرتها البطيء وقوعها فإني لأستعر بها فكرا واشتعل منها خيالا..
وكنت لأرى الفصول تخلص من يدي حين اكتبها كما تخلص سبائك الذهب بعناصرها لا بالصناعة..
وكأن هذا القلم كالحديد إذا أحْمـِـي عليه.. ليست يد لمسته من أيدي المعاني إلا وضع فيها سمة النار..
ثم جاء الكتاب وما أكاد أصدق أن الزمن مرّ به.. و تم قبل أن يُتم القمر دورة شهر واحد .. فنبهني ذلك إلى أن استوفي الكلام في الحب استمدادا من أرواح أخرى.. فوضعت هذا السحاب الأحمر..
ثم يقول في ختام المقدمة:
والناس في هذا الحب أصناف فواحد يجاهد زلات قد وقعت وهو المحب الآثم..
وآخر يجاهد شهوات تهمّ أن تقع وهو المحب المُمتحن..
وثالث أمن هذه وهذه وإنما يجاهد خطرات الفكر وهو المحب ليحب فقط..
ورابع كالقرابة والصديق عجز الناس أن يجدوا في لغاتهم لفظا يلبس هذه العاطفة فيهم فألحقوها بأدنى الأشياء إليها في المعنى وهو الحب..
وعلى الثالث وحده بنيت رسائل الأحزان.. وعلى بعض الرأي في الباقيات كسرت هذا الكتاب
آقتبآسآت
“في قلب الرجل ألف باب يدخل منها كل يوم ألف شيء ولكن حين تدخل المرأة من أحدها لا ترضى إلا أن تغلقها كلها”
إنما الحبيب وجود حبيبه لأن فيه عواطفه.. فعند الفراق تنتزع قطعة من وجودنا فنرجع باكين ونجلس في كل مكان محزونين كأن في قلوبنا معنى من المناحة على معنى من الموت..”
يا عجبا لضمير المرأة يظل في ليل دامس من ذنوبها ثم تلمع له دمعة طاهرة في عينيها فتكون كنجمة في القطب.. يعرف بها كيف يتجه وكيف كان ظلاله.. وكأن الله ما سلط الدموع على النساء إلا لتكون هذه الدموع ذريعة من ذرائع الإنسانية تحفظ الرقة في مثال الرقة كما جعل البحار في الأرض وسيلة من وسائل الحياة عليها تحفظ الروح والنشاط لها”
لو أصابك الهم لحبيبك إذ تراه مهموما متألما لذقت أحلى أنواع الآلام السعيدة.. فكيف بك لو تبدّل همه بغتة فأقبلت عليك قبلاته وضحكاته تزحزح عن قلبك ناموس الكآبة..
أنت يا هذا إن أحببت خاضع لقلبك ولكنك وقلبك سائران في طريق قلبها.. يقول المحب لا هي إلا هي.. أفلا يدل ذلك على ضلال الحب وإفساده ملكة التمييز..”
لا يفكر الرجل فيما لم يحدث على اعتبار أنه حادث إلا في شيئين .. المصيبة التي يكرهها والمرأة التي يحبها”
من للمـُــــــحب ومن يعينه ...... والحـــــب أهنأه حزينة
أنا ما عرفـــــت سوى قسا ...... وتــــه فقولوا كيف لينه
إن ينقض دين ذوي الهوى ...... فأنــــا الذي بقيت ديونه
قلبي هو الذهــــب الكريـــ ...... ــم فلا يفارقه رنيـــــــنه
قلبي هو الألمــــــاس يعـــ ...... ـــرف من أشعــته ثمينه
قلبي يـُــــــــــــــحب وإنما ...... أخلاقه فيــــــــــه ودينه
يا من يـُحب حبــــــــيـــبه ...... وبظنّــــــــه أمسى يهينه
وتعـــــفُّ منــــــه ظواهر ...... لكنه نجــــــــــــس يقينه
كالقبر غطـّــــــته الزهور ...... وتحته عفن دفــــــــــينه”
إن لنار الآخرة سبعة أبواب.. وكأن كل باب منها ألقى جمرة على الأرض فباب ألقى الوهم وآخر قذف الخوف وثالث رمى الطمع ورابع بالحرص والخامس بالألم والسادس بالبغض.. أما السابع فرمى بالشر الذي يجمع هذه الستة كلها.. وهو الحب.. النار في الآخرة .. لكن أرواحها في الناس لتسوق أرواح الناس إليها !
والقلب الكريم لا ينسى شيئاً أحبه ولا شيئاً ألفه، إذ الحياة فيه إنما هي الشعور،والشعور يتصل بالمعدوم اتصاله بالموجود على قياس واحد، فكأن القلب يحمل فيما يحمل من المعجزات بعض السر الأزلي الذي يحيط بالأبعاد كلها إحاطة واحدة، لأنها كلها كائنة فيه: فليس بينك وبين ما مر من حياتك إلا لحظة من الفكر، هي للماضي أقصر من التفاتة العين للحاضر ” - مصطفى الرافعي”
لا أريد بالصديق ذلك القرين الذي يصحبك كما يصحبك الشيطان : لا خير لك إلا في معاداته ومخالفته ، ولا ذلك الرفيق الذي يتصنع لك ويسامحك متى كان فيك طعم العسل ؛ لأن فيه فيه روح ذبابة ، ولا ذلك الحبيب الذي يكون لك في هم الحب كأنه وطن جديد وقد نفيت إليه نفي المبعدين ، ولا ذلك الصاحب الذي يكون كجلدة الوجه : تحمر وتصفر لأن الصحة والمرض يتعاقبان عليها ، فكل أولئك الأصدقاء لا تراهم أبداً إلى على أطراف مصائبك ، كأنهم هناك حدود تعرف بها أين تبتدئ المصيبة لا من أين تبتدئ الصداقة .
ولكن الصديق هو الذي إذا حضر رأيت كيف تظهر لك نفسك لتتأمل فيها ، وإذا غاب أحسست أن جزءاً منك ليس فيك ، فسائرك يحن إليه ، فإذا أصبح من ماضيك بعد أن كان من حاضرك ، وإذا تحول عنك ليصلك بغير المحدود كما وصلك بالمحدود ، وإذا مات .. يومئذٍ لا تقول : إنه مات لك ميت ، بل مات فيك ميت ؛ ذلك هو الصديق .
واعلم أن أرفع منازل الصداقة منزلتان : الصبر على الصديق حين يغلبه طبعه فيسئ إليك ، ثم صبرك على هذا الصبر حين تغالب طبعك لكيلا تسئ إليه .
وأنت لا تصادق من الملائكة ، فاعرف للطبيعة الإنسانية مكانها فإنها مبنية على ما تكره ، كما هي مبنية على ما تحب ، فإن تجاوزت لها عن بعض ما لا ترضاه ضاعفت لك ما ترضاه فوق زيادتها بنقصها ، وسلم رأس مالك الذي تعامل الصديق عليه .”
يتبع
[/align][/cell][/table1]